هبة سبور-عمرو البوطيبي
في الوقت الذي تتجه فيه الأضواء عادة نحو المدربين واللاعبين بعد كل إنجاز كروي، يظل هناك رجال في الظل يشتغلون بصمت وإصرار، دون أن يبحثوا عن الأضواء، لكن بصماتهم واضحة في كل نجاح. ومن بين هؤلاء، يبرز اسم فتحي جمال، المدير التقني للفئات السنية بالجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، كأحد العقول التي ساهمت بشكل مباشر في بروز جيل جديد من المواهب التي تشرف كرة القدم الوطنية.
من فئة أقل من 15 سنة إلى أقل من 20 سنة، رسم فتحي جمال خريطة طريق واضحة المعالم، تقوم على رؤية تقنية شمولية، تُعنى بالتكوين الحديث، وتوحيد أسلوب اللعب، وربط المنتخبات السنية ببعضها في إطار مشروع متكامل يهدف إلى إعداد لاعبين قادرين على تمثيل “أسود الأطلس” في المستقبل القريب.
بفضل خبرته الطويلة في الميدان، وقدرته على اكتشاف الطاقات الواعدة داخل المغرب وخارجه، أصبح اسم فتحي جمال مرادفًا للكفاءة والانضباط والرؤية البعيدة. فهو لا يكتفي بمتابعة المواهب، بل يواكبها بالتوجيه والتحليل، ويعمل على بناء شخصية اللاعب داخل وخارج الميدان، وهي مقاربة قلّما نراها في العمل القاعدي الكروي بإفريقيا.
ويجمع متتبعون للشأن الكروي الوطني على أن جزءًا كبيرًا من النجاحات التي حققتها المنتخبات الوطنية السنية مؤخرًا، سواء في بطولة إفريقيا أو كأس العالم لأقل من 20 سنة، يعود إلى السياسة التقنية التي أرسى دعائمها فتحي جمال، بالتنسيق مع المدربين الوطنيين وعلى رأسهم محمد وهبي، الذي يقود منتخب الشباب نحو إنجاز تاريخي في مونديال الشيلي.
فالرجل لا يبحث عن الأضواء، بل يفضل أن تتحدث النتائج عنه. ولعلّ ما تحقق من إشعاع في الفئات السنية المغربية خلال السنوات الأخيرة أكبر دليل على نجاح مشروعه، وعلى العمل الهادئ والممنهج الذي جعل من المغرب اليوم أحد أبرز نماذج التكوين الكروي في القارة الإفريقية.
إن الاعتراف بالفضل لأصحابه واجب، وفتحي جمال يستحق كل التقدير والاحترام، لأنه من بين أولئك الذين يزرعون اليوم ليحصد الوطن غدًا ثمار المجد الكروي.
اترك تعليقاً