ملف لامين يامال ينفجر من جديد: أزمة صامتة بين برشلونة والاتحاد الإسباني… وتداعيات قد تغيّر اختيارات لاعبي الهجرة
إسبانيا

ملف لامين يامال ينفجر من جديد: أزمة صامتة بين برشلونة والاتحاد الإسباني… وتداعيات قد تغيّر اختيارات لاعبي الهجرة

عمرو البوطيبي / هبة سبور

تعيش الكرة الإسبانية خلال الأيام الأخيرة على وقع توتر جديد بين نادي برشلونة والاتحاد الإسباني لكرة القدم، بعد القرار المفاجئ باستبعاد لامين يامال من معسكر لاروخا الحالي بداعي الإصابة، رغم كون اللاعب شارك في مباريات فريقه الأخيرة بشكل طبيعي ودون قيود.

حادثةٌ قد تبدو تقنية في ظاهرها، لكنها ليست سوى قمة جبل الجليد في العلاقة غير المستقرة بين الكطالان والجهاز الكروي الإسباني الذي يرأسه رافاييل لوزان.

فحص طبي “سري” فجّر الخلاف

القصة بدأت عندما توجه لامين يامال، بتنسيق مباشر مع إدارة برشلونة، لإجراء فحص طبي على مستوى الحوض في إحدى مصحات المدينة صبيحة يوم الإثنين، دون إبلاغ الطاقم الطبي لمنتخب لاروخا.
الهدف – وفق مقربين من النادي – كان الاطمئنان على سلامة اللاعب وتبرير رغبته في الاستفادة من راحة خلال فترة التوقف الدولي، لتجنّب سيناريو الإرهاق الذي أصاب مواهب برشلونة في السابق، مثل بيدري وغابي، واللذين دفعا ثمن ضغط المباريات المستمر بإصابات طويلة الأمد.

الاتحاد الإسباني أصدر بلاغًا رسميًا أعلن فيه “تفاجؤه” بما اعتبره تدخلًا غير مبرر، مؤكدًا أن التقرير الطبي يوصي براحة تتراوح بين 7 و10 أيام، وأنه “لا مجال للمجازفة بصحة اللاعب أو رفض رأي الأطباء”.
وبهذا تم استبعاد يامال من القائمة، لكن خطوةً كهذه لم تمر دون صدى… فقد أشعلت من جديد التوتر الذي عمّقته أزمات سابقة بين برشلونة والمنتخب.

تبادل الاتهامات… وعودة الاحتقان

هانزي فليك، مدرب برشلونة، كسر صُمته وانتقد لاروخا قائلاً إن المنتخب “غامر بصحة يامال” في التوقف الدولي الماضي، مشيرًا إلى أن اللاعب تعرض لضغط بدني غير مبرر.

في المقابل، لم يتأخر لويس دي لا فوينتي، مدرب المنتخب الإسباني، في الرد بقوة:

“لامين كان جاهزًا بدنيًا لأنه لعب آخر ثلاث مباريات مع برشلونة. لدينا بروتوكول طبي صارم، وصحة اللاعبين فوق كل اعتبار.”

وأوضح أيضًا أنه تحدث مع يامال شخصيًا صباح القرار، وأن اللاعب أعرب عن رغبته في البقاء لأنه “يعشق القميص”، لكن القرار الطبي كان حاسمًا.

مصادر مقرّبة من العائلة: “تصريحات دبلوماسية… والحقيقة مختلفة”

غير أن تصريحات دي لا فوينتي لا تعكس – كما يبدو – ما يجري خلف الستار.
أحد أفراد العائلة المقرّبين من لامين يامال أكد أن هذه الكلمات “مجرد دبلوماسية”، وأن علاقة اللاعب مع الجهاز الفني للمنتخب لم تعد كما كانت.
فمنذ معسكر أكتوبر الماضي، لم يعد يامال يحظى بنفس الترحيب والدفء اللذين ميزا بداياته مع المنتخب الأول، بل صار يشعر بفتور في التعامل، ما أثّر على راحته النفسية داخل المعسكر.

هذا التحول في الأجواء يزيد من حدة الشكوك حول مستقبل الدولي الشاب مع لاروخا، خاصة في ظل حساسية ملف اللاعبين مزدوجي الجنسية.

وقود جديد لخطاب اليمين المتطرف

اليمين المتطرف في إسبانيا وجد في الأزمة مادة مثالية لتعزيز خطاب “التشكيك في الانتماء”، معتبرًا أن سلوك يامال “إشارة إلى ضعف الولاء الوطني”.
هذا التيار السياسي لطالما استغل كل احتكاك أو خلاف يخص لاعبين من أصول مهاجرة لإعادة إنتاج سردية مفادها أن “المنتخبات الوطنية يجب أن تبقى للاعبين الأصليين فقط”.

التصعيد الإعلامي والسياسي حول يامال قد يدفع الشاب – عن قصد أو غير قصد – ليكون في قلب معركة هو بعيد عنها رياضيًا.

انعكاسات أوسع… وجرس إنذار للمواهب ذات الأصول الأجنبية

تداعيات هذه الأزمة لن تتوقف عند حدود برشلونة ولاروخا.
مصادر من الوسط الكروي الإسباني تحذر من أن التوتر الحالي قد يفتح الباب أمام موجة جديدة من اللاعبين ذوي الأصول الأجنبية لاختيار جنسيات آبائهم، بدل الانخراط مع المنتخب الإسباني تحت شعارات “الاحتواء” التي لا تتحقق دائمًا على أرض الواقع.

الكثير من هؤلاء الموهوبين باتوا ينظرون بحذر إلى أساليب “احتضان مبكر” تعتمدها بعض الاتحادات الأوروبية، والتي يكون الهدف منها في كثير من الأحيان “ربط اللاعبين قانونيًا” دون ضمان بيئة نفسية أو رياضية صحية على المدى الطويل.

خلاصة

قضية لامين يامال ليست مجرد خلاف طبي بين برشلونة والاتحاد الإسباني، بل هي مرآة تعكس هشاشة العلاقة بين النادي الكتالوني ولاروخا، وتُبرز حساسيات تتجاوز حدود الرياضة إلى السياسة والمجتمع.
كما أنها رسالة واضحة لكل الاتحادات:
الموهبة وحدها لا تكفي…
والتعامل الإنساني والاحترافي مع اللاعبين الشباب قد يحدد مستقبلهم الدولي أكثر من أي وعود أو شعارات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *